Wednesday, April 13, 2011

فهرس الموضوعات


Tuesday, April 12, 2011

مقدمة

"الشباب قديمًا وحديثًا في كل أمة عماد نهضتها، وفي كل نهضة سر قوتها، وفي كل فكرة حامل رايتها" [1] ، لذا كان مشروعا دوما للمهتمين والمتخصصين أن يتسائلوا ويبحثوا كيف يفكر الشباب فى جماعة ضخمة مؤثرة فاعلة كجماعة الإخوان المسلمين، ولم يكن هذا التساؤل والبحث فقط من قبيل استشراف مستقبل الجماعة عبر قراءة أفكار شبابها اليوم قادتها فى الغد القريب، ولكن أيضا كان هذا الاهتمام بفكر الشباب لأنهم مرآة حقيقية لا تجيد التجمل لأفكار هذه الجماعة بنفوسهم النقية وعواطفهم الجياشة القوية.

ولما كانت قدرات ومهارات الشباب دوما مختلفة ففى الوقت الذى يستطيع البعض فيه التعبير عن أفكاره بكلمات واضحة وعبارات مرسلة يعجز البعض عن أن يستخدم من الكلمات ما يناسب المقال والمقام، والوقت الذى قد يتاح لبعضهم لطرح فكرته ورأيه قد لا يتاح للآخرين، مما دفعنا لنقدم هذا الاصدار ليكون نافذة على فكر جماعة الإخوان المسلمين بمشروعها الإسلامى الحضارى الوسطى عبر عرض أفكار شبابها ومواقفهم ورؤاهم للقضايا المختلفة، تلك الأفكار التى تشربوها فى أحضان جماعتهم وفى جلسات أسرهم ومارسوها فى لقاءاتهم وأعمالهم.

اصدار سنحاول فيه أن نطرح كل ما يمكن أن يتم التساؤل والبحث عنه فى ضمير ونفوس شباب الجماعة، نقدم الإجابات والمواقف بأمانة كما نعيشها ونؤمن بها حتى وإن كانت تختلف مع الآخرين فلقد تعلمنا من ديننا وجماعتنا أن اختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية وأن علينا أن نتقبل وجود الآخر واختلافه معنا فى الرأى والفكر والممارسة بل والعقيدة، كما تعلمنا أن نعرض أفكارنا دون تلون أو مداهنة بكل أدب وصدر رحب لسماع النقد والنصيحة والتوجيه، ما دامت هناك غاية واحدة تجمعنا مع مخالفينا تلتقى فى حب الوطن والسعى لرفعته وعزته.

نقدم هذه الإجابات فى صورة برقيات سريعة وكلمات مختصرة ومعبرة مصحوبة ما أمكن بأدلة عملية وممارسات واقعية تثبت الفكرة وتدعمها. ونستسمح من يقرأ هذا الاصدار أن لا يقرأه على انه وثيقة سياسية، فهو فى حقيقته ليس كذلك بل هى سطور تعبر عن حقيقة فهمنا وأفكارنا بكل وضوح وكما نعيشها ونتنفسها، لذا قد يغلب فى حين عليها الطابع الأدبى العاطفى، وفى أحايين اخرى قد يغلفها الأسلوب العلمى والأرقام والاحصاءات، فى حين قد نستخدم الفتاوى والشواهد القرآنية والحديث وفى اماكن اخرى قد نستدل بالمواقف والأقوال والتاريخ.

ولايعنى تقديم هذه الوريقات أن شباب الإخوان إنما يتم قولبتهم على نمط واحد، ويتم جبرهم على فكر محدد، ولكن بداهة هناك لأى تجمع بشرى مساحة واسعة من الاتفاق ارتضوها واجتمعوا عليها تلتقى فى الثوابت والاساسيات والهم والحلم الواحد، وتجاورها مساحات أخرى من الاختلاف فى الفروع والتفصيلات، ويقدم هذا الاصدار المساحة المشتركة من تلك الأفكار والقضايا وتبقى لأفرادها خصوصية الفكر فيما عداها من تفصيلات.

آملين أن تكون هذه الأفكار
----------------------

هدية مقبولة من شباب الإخوان للزملاء والأصدقاء من أقرانهم فى ذات العمر ليعرفوا كيف نفكر وبماذا نحلم وليمدوا أيديهم إلى أيدينا ويقبلوا بسواعدنا مع سواعدهم فى بناء هذا الوطن حاضره ومستقبله.

وأن يكون كتابا مفتوحا أمام أساتذتنا وآبائنا والمفكرين والباحثين والسائلين والدارسين ليعرفوا كيف نفكر.

وأن يكون سطرا فى كتاب تاريخ جماعة الإخوان الحافل، ووريقات تضاف إلى مواثيقها وأدبياتها.

وأن يكون مرجعا لإخواننا وأخواتنا من شباب هذه الجماعة لترتيب الأفكار ومادة تعينهم على تقديم فكرتهم ومشروعهم الإسلامى بصورته الصحيحة المشرقة المضيئة.

وأن يكون رسالة رمزية لوطننا الحبيب مصر يقدمها قلب شباب نابض يبذل روحه ونفسه عن طيب خاطر فداء لهذا الوطن وثمنا لعزه وكرامته.

---------------------------

[1] حسن البنا من رسالة "إلى الشباب"

لماذا نحن من جماعة الإخوان؟ وكيف ننظر لها؟

لماذا نحن من جماعة الإخوان؟
-------------------------

إيمانا منا بأن الإسلام يحمل فى طياته مشروعا متكاملا، وارتضاء بالعمل الجماعى وسيلة لنشر هذا المشروع، ورغبة فى أن تعم عدالة هذا المشروع وطننا وأن ينهض به، كان لا بد من البحث عن تجمع بشرى لخدمة هذه الفكرة ونشرها، وكان اختيارنا لجماعة الإخوان المسلمين دون غيرها من الجماعات والأحزاب ذات الجهد المشكور فى هذا الميدان لعدة أسباب أهمها:

1- فهمها الشامل للإسلام وأنه منهج حياة وليس مقتصرا على المسجد والعبادات.
2- فهم أدى لعمل فى مختلف المسارات المشروعة لنشر هذا المشروع الدعوى منها والسياسى.
3- عمل يسير فى اطار مؤسسى تحكمه الشورى وتحيطه اللوائح.
4- مؤسسة ارتضت أن يتسم منهج التغيير التى تعمل به بالتدرج والسلم والاقناع والعمق والانطلاق من المجتمع .
5- مستخدمة كل وسيلة حديثة ومبتكرة ولغة العصر لخدمة منهج التغيير الذى ارتضته، متواكبة مع لغة العصر والتطور السريع لآلياته ومفرداته.
6- هادفة للارتقاء بالفرد والأسرة والمجتمع، ونهضة الوطن وتنميته، ونشر فكر سماحة الإسلام وعدالته فى ربوع العالمين .


كيف نرى جماعة الإخوان ؟
-----------------------

ننظر لجماعة الإخوان المسلمين والتى نشرف بالانتماء لها ليس على أنها جماعة المسلمين بل هى جماعة من المسلمين، آمنوا بأن الدين الإسلامى ليس مجرد عبادات وصلوات وركعات تؤدى لرب العباد، ولكنه دين يحمل فى طيات أوامره ونواهيه وعقائده وعباداته ومعاملاته مشروعا حضاريا كاملا متكاملا، يحفظ الفرد ويعلى كرامته، ويعظم الوطن ويبنى نهضته، ويسعى لنشر سماحته وعدالته على ربوع الأرض فى مشارقها ومغاربها.
وارتضوا العمل الجماعى المؤسسى وسيلة لنشر هذا المشروع الإسلامى الحضارى وآلية لنقل أفكاره من سطور وكتب تقرأ إلى واقع حى يلمس وينظر.

جماعة من البشر لا يتنزل عليها وحى ربانى ولا الهام سماوى، ولكنها قراءة انسانية لمصادر التشريع الإسلامى من قرآن وسنة وسيرة وفقه، ثم اجتهادات بشرية من وحى هذه القراءة تصيب وتخطئ، يحرك هذه الاجتهادات عاطفة حية ذكرها المؤسس البنا فى رسالته دعوتنا قائلا " ليعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمنًا لمجدهم وكرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الغَنَاء، وما أوقفنا هذا الموقف منهم إلا هذه العاطفة التي استبدَّت بقلوبنا، وملكت علينا مشاعرنا، فأقضَّتْ مضاجِعَنا، وأسالت مَدامِعَنا، وإنه لعزيز علينا جَدُّ عَزيزٍ أن نرى ما يحيط بقومنا، ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب، ولن نكون عليكم في يوم من الأيام".

من نحن وماذا نريد؟
-----------------

نحن مجموعة من الشباب يعمل على تربية نفسه ومجتمعه على الأخلاق السامية الكريمة، رغبة فى أن يصنع لوطنه حضارة ونهضة تكون مصدر إلهام للعالم أجمع وتقدم صورة مشرقة للإسلام ورسالته، يحركنا لذلك إيمان عميق بمشروعنا الإسلامى بمفهومه الوسطى الحضارى المدنى، قاصدين بذلك وجه الله وغاية أملنا أن ننال من عملنا هذا رضا الله وجنته.

لماذا هذا الاسم "جماعة الإخوان المسلمين"

قبل الاستطراد فى تفاصيل اختيار هذه الكلمات الثلاثة "جماعة" و" الإخوان" و "المسلمون"

يجب أن نوضح بداية قناعتنا بالتالى:
------------------------------
1- أن من حق اى فرد او مجموعة او حزب أن يتسمى بما يشاء من أسماء مادامت لا تخالف الدستور، ومادامت هذه المسميات لا تصطدم بعادات وتقاليد المجتمع.

2-أن الاسم يكون بمثابة ومضة و أشبه بعنوان المقال أو كنية الشخص ولكنه بالتأكيد ليس كل الشخص أو الكيان وليس كل تفاصيل الموضوع أوالمقال، ولكنه مختصر يشير إلى الهوية او الرسالة أو.. أو ...

وجاء اختيار اسم "جماعة الإخوان المسلمين" للأسباب التالية:
-----------------------------------------------------

أ. "جماعة"
..............
لماذا استخدام هذه اللفظة دون غيرها من ألفاظ كجمعية أو حزب أو نادى، ولعل أفضل ما يجيب على هذا التساؤل هى المفردات التى كتبها مؤسس هذه الجماعة فى توضيح هذا الأمر والتى يقول فيها : "وتستطيع أن تقول ولا حرج عليك ، إن الإخوان المسلمين :
( 1 ) دعوة سلفية : لأنهم يدعون إلى العودة بالإسلام إلى معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله.
( 2 ) وطريقة سنية : لأنهم يحملون أنفسهم علي العمل بالسنة المطهرة في كل شيء ، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلا .
( 3 ) وحقيقة صوفية : لأنهم يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس ، ونقاء القلب ، والمواظبة علي العمل ، و الإعراض عن الخلق ، والحب في الله ، والارتباط علي الخير .
( 4 ) وهيئة سياسية : لأنهم يطالبون بإصلاح الحكم في الداخل وتعديل النظر في صلة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم في الخارج ، وتربية الشعب علي العزة والكرامة والحرص علي قوميته إلي أبعد حد .
( 5 ) وجماعة رياضية : لأنهم يعنون بجسومهم ، ويعلمون أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ، وأن النبي صلي الله عليه وسلم يقول : (إن لبدنك عليك حقاً) و إن تكاليف الإسلام كلها لا يمكن أن تؤدي كاملة صحيحة إلا بالجسم القوي ، فالصلاة والصوم والحج والزكاة لا بد لها من جسم يحتمل أعباء الكسب والعمل والكفاح في طلب الرزق ، ولأنهم تبعاً لذلك يعنون بتشكيلاتهم وفرقهم الرياضية عناية تضارع وربما فاقت كثيراً من الأندية المتخصصة بالرياضة البدنية وحدها .
( 6 ) ورابطة علمية ثقافية : لأن الإسلام يجعل طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة ، ولأن أندية الأخوان هي في الواقع مدارس للتعليم والتثقيف ومعاهد لتربية الجسم والعقل والروح .
( 7 ) وشركة اقتصادية : لأن الإسلام يعني بتدبير المال و كسبه من وجهه وهو الذي يقول نبيه صلي الله عليه وسلم : (نعم المال الصالح للرجل الصالح) ويقول : (من أمسي كالاً من عمل يده أمسي مغفوراً له) ، (إن الله يحب المؤمن المحترف)
( 8 ) وفكرة اجتماعية : لأنهم يعنون بأدواء المجتمع الإسلامي ويحاولون الوصول إلي طرق علاجها وشفاء الأمة منها .
وهكذا نري أن شمول معني الإسلام قد أكسب فكرتنا شمولاً لكل مناحي الإصلاح ، ووجه نشاط الإخوان إلي كل هذه النواحي ، وهم في الوقت الذي يتجه فيه غيرهم إلي ناحية واحدة دون غيرها يتجهون إليها جميعاً ويعلمون أن الإسلام يطالبهم بها جميعاً"

ب. الإخوان
..............
وتعنى هذه الكلمة أن هذه الجماعة تبنى العلاقة بين أفرادها على الترابط والتعاون والتكامل فى أجمل صوره وليس هناك أفضل من الأخوة، لذا استخدمت لفظة الإخوان للتعبير عن هذه الروح التى تتمناها الجماعة بين أفرادها وتبثها فيهم.

وفى هذا يقول مؤسسها الإمام البنا
أُخــوّة
واذكروا جيداً أيها الإخوان .. أن كل شعبة من شعبكم وحدة متصلة الروح مؤتلفة القلوب ، جمعتها الغاية السامية علي هدف واحد وأمل واحد وألم واحد وجهاد واحد ، وأن هذه الوحدات المؤتلفة يرتبط بعضها ببعض ويتصل بعضها ببعض ويحن بعضها إلى بعض ويقدر بعضها بعضاً ، وتشعر كل أمة منها أنها لا تتم إلا باخوتها ولا تكمل أخوتها إلا بها ، كلبنات البناء المرصوص يشد بعضه بعضاً ، وأنها جميعاً ترتبط بمركزها العام أوثق ارتباط وأسماه وأعلاه ، روحياً وإدارياً وعملياً ومظهرياً ، وتدور حوله كما تدور المجموعة المتماسكة من الكواكب المنيرة حول محورها الجاذب وأصلها الثابت ، لتحقق بذلك قول الله تبارك وتعالي : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10) .
جـ. المسلمون
هى اشارة سريعة لمنطلق هذه الجماعة الذى تدعيه وهو المنطلق الاسلامى، مرورا بأن ضوابطها وقيمها مستقاة من الاسلام، وانتهاء بالهدف الذى تدعى الجماعة أنها تسعى اليه وهو نشر سماحة الاسلام ومبادئه. وأن أفرادها يتم اختيارهم بناء على استعدادهم للبذل لهذا الاسلام والعمل له. ويضيف المفكر القبطى "رفيق حبيب" عن استخدام لفظة "مسلمون" فى اسماء الجماعات التالى : "أنه أثناء وجود الخلافة الاسلامية حقيقة وواقع على الأرض لم تكن الجهات والجماعات لتتسمى بمثل هذه الاسماء وانما أسماء فرعية حسب الاختلافات بينها، أما بعد سقوط الخلافة الاسلامية فقد ظهرت الجماعات بأسماء اسلامية فى محاولة للحفاظ على مفهوم الوحدة الاسلامية وكخطوة لاعادة تلك الخلافة الاسلامية فظهرت جماعة الاخوان المسلمين، والجماعة الاسلامية و......"

و هنا يتكرر تساؤل هل نحن اخوان مسلمين وغيرنا ليسوا "اخوانا" وليسوا " مسلمين"؟
-----------------------------------------------------------------------------

اجابة هذا السؤال وهذه الاشكالية، لا ترتبط فقط باسم جماعة "الإخوان المسلمين" ولكنها قاعدة عامة، فبشكل عام ليس معنى أن يتسمى شخص باسم ، أنه هو الوحيد صاحب هذا الاسم أو صاحب الصفات التى يدل عليها الاسم وأن غيره يكون عكس هذا الاسم أو لا تنطبق عليه صفات الاسم.

فمثلا ... الجبهة الديمقراطية ... لا يعنى فقط ان من ينتسبون إليه ديموقراطيين و غيرهم لا
ومثلا ... النادى المصرى .... لا يعنى أن باقى الأندية والفرق غير مصرية أو أجنبية
ومثلا ... شخص اسمه كريم ... لا يعنى أنه شخص كريم معطاء ومن عاداه هم بخلاء
ومثلا ... فتاة اسمها جميلة ... لا يعنى أنها الوحيدة من بنات حواء جميلة وأن غيرها قبيحات
ومثلا ... الجمعية الشرعية ... ليس معناه انها تعنى بالشريعة وانها شرعية وأن غيرها غير شرعى
وكما أسلفنا انما يتم اختيار الاسم ليكون كعنوان قصير معبر للفكرة والرسالة.

هـ - لماذا تذييل الأعمال باسم الجماعة؟
---------------------------------

شأن جماعة الإخوان المسلمين وأبنائها هو شأن أى صاحب فكرة أو رسالة أو مشروع يتمنى أن يقدم ما لديه فى احسن صورة وأن يروج سلعته فى أجمل حلة، لذا كان مشروعا لكل إنسان ولكل فصيل أن يقدم ما يقدمه لمجتمعه بحب ولهفة أن يذيل هذا العمل باسمه ويضع عليه ختمه وهويته مادام فعلا هو من صنيعه وجهده. لذا فنشرف نحن أبناء هذه الجماعة بأن نضع اسمها على ما نهديه لوطننا وأمتنا من أعمال وفعاليات، وليس مقصودا بهذا التذييل أبدا المن أو الاستعلاء على الوطن أو جهود أبنائه المخلصين، ولا نجد حرجا أن ننحى الاسم واللافتة جانبا فى الأعمال المجمعة التى تجمعنا مع الآخرين مادام فى ذلك الصالح العام والمنفعة الأكبر.

رمز الجماعة "سيفان ومصحف"

المصحف ...
-----------

اشارة للقرآن الكريم كلام الله المنزل على خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم، وأنه الدستور والمنهج الذى تسير عليه جماعة الإخوان المسلمين، وتستقى من بين سوره وآياته فهمها لشمولية الاسلام، " إن القرآن الكريم كتاب جامع جمع الله فيه أصول العقائد و أسس المصالح الاجتماعية , و كليات الشرائع الدنيوية , فيه أوامره وفيه نواهيه" وتأخذ منه ضوابط وقيم وحدود مشروعها الاسلامى الذى أول ما يعنى يعنى بالفرد واصلاحه مرورا بالبيت والمجتمع والحكومة وانتهاء بنشر قيم الاسلام وسماحته وعدالته فى ربوع الأرض.

السيفان ...
----------

استخدم الإخوان السيف بما يحمله من ملامح الأصالة والعزة والاباء كاشارة للقوة الرشيدة التى لا تستخدم إلا بحقها ولا تستخدم إلا فى وقتها، وحقها ووقتها هو الدفاع عن الوطن وأراضيه، فهو إذن سيف وقوة محكومة بتعاليم الإسلام وأحكام القرآن الذى يعلو على السيف.

يقول فى ذلك الأستاذ عمر التلمسانى المرشد الثالث لجماعة الاخوان المسلمين فى كتابه ذكريات لا مذكرات :
".. أنهم يسفهون رأى الامام الشهيد فى ربط المصحف بالسيف رباطا رقيقا دقيقا مع إيمان الإخوان بأن الاسلام دين إقناع وحجة وبرهان إن هذا الظن أو هذا التسفيه لا يمكن أن يصدر من عقل به ذرة من سلامة التفكير . أنظر الى العالم كله فى جميع قاراته ألا ترى أن الدعوة الى السلام قائمة على قدم وساق بالمؤتمرات وأجهزة الاعلام وكتب الداعين الى السلام .
ألا ترى أن إسرائيل نفسها تتباكى طالبة العيش فى سلام داخل حدود آمنة ؟ هل مر بنا يوم لم نقرأ فيه شيئا عن السلام العالمى والرغبة الملحة فى أن يسود الدنيا السلام حتى كدنا نمل من كلمة السلام العالمى التى يستعملها المرشحون لرئاسة دولهم ؟ ثم ماذا نرى بعد هذا ؟ نرى العالم كله يتبارى فى اختراع الأسلحة المهلكة المبيدة للبشرية وتنفق فى سبيل اختراع وسائل الدمار ألوف الألوف من الملايين ثم تدعى كل أمة بعد ذلك أنها أمة السلام والأمان والهدوء والاطمئنان، لماذا كل هذا؟، أليس للدفاع عن الحرية المزعومه والسلام المنشود. إن الورد يحتاج الى شوك يحميه والاسلام دين السلام والدعوة اليه لا تكون إلا بالاقناع والدليل { أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن } . ولم يقبل رسول الله صلى ا لله عليه وسلم إلا هذا فى بدء الرسالة رغم ما أنزله المشركون بالمسلمين من تشريد وتعذيب وقتل .

.. وهكذا كان الامام الشهيد أسوة حسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم . إذ رأى محقا أن الحق لا بد أن تكون له قوة تدافع عنه وتحميه تنفيذا لقوله تبارك وتعالى { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم } ولعله لم يفتك فى مقام الاعداد أنه كان للإرهاب لا للقتال ولا للاعتداء ولا للاستعمار والاستعباد .

هكذا فعل الامام الشهيد إذ كانت مصر محتلة واليهود يطأون أرض فلسطين فأراد أن يلفت نظر المسلمين الى أن الاسلام الضعيف الواهى المتخاذل يكون نهبة لكل ناهب ومطمعا حتى لشذاذ الآفاق ومن لا يستطيع الدفاع حتى عن نفسه . حقيقة أراد الامام الشهيد أن يقيمها أمام أنظار المسلمين يوم أن وضع المصحف بين سيفين إن هذا الشعار الذى لا يرضى أعداء الاسلام لا يزال ألزم لنا من أى وقت مضى .
لهذا وضع الامام الشهيد العقيدة بين شفرتى السيفين حتى يظل المسلمون ذاكرين لكل بلادهم السليبة المنهوبه وسيظل هذا الشعار الاخوان المسلمين الى أن تحرر كل أرض إسلامية من احتلال عسكرى أو سياسى أو إقتصادى أو فكرى وسيظلون يعدون أنفسهم لتحقيق قوله تبارك وتعالى : { وجاهدوا فى الله حق جهاده } . "

شعار الجماعة

الله غايتنا ..
----------

فالغاية من كل عمل وحركة يقدم عليها كل أخ من الإخوان المسلمين إنما يقصد بها التوجه إلى الله عز وجلا أملا فى نيل ثوابه ورضاه. وهو ما ينفى أن يخالط العمل غاية اخرى من مكاسب أو مناصب.

وفى ذلك يقول الإمام البنا مخاطبا الإخوان : " واذكروا جيداً أيها الإخوان أنه ما من رجل يرجو بمناصرة هذه الدعوة والعمل تحت رايتها غاية من غايات الدنيا أو عرضاً من أعراضها ، وأنكم تبذلون من ذات أنفسكم وذات يدكم ، لا تعتمدون إلا علي الله ، ولا تستمدون المعونة والتأييد إلا منه ، ولا ترجون إلا ثوابه ولا تبتغون إلا وجهه , (وَكَفَى بِاللهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللهِ نَصِيراً) (النساء:45) .

الرسول قدوتنا ...
----------------

فالرسول الكريم صلي الله عليه وسلم وسيرته العطرة قدوة لكل مسلم بل لكل إنسان ينشد المثل والقيم فى حياته، يقرأ فى صفحات سيرته كيف يكون أبا وزوجا كيف يكون قائدا وداعيا، كيف يكون عاملا ومتعبدا، وكيف يتعامل كمسلم مع مختلف امور الحياة، بمعنى آخر كيف يكون فى حياته اسلاما وقرآنا يمشى على قدمين كما كان الرسول الكريم كما تقول السيدة عائشة عنه صلى الله عليه وسلم "كان خلقه القرآن"، وهذا الاتباع والاقتداء انما هو طاعة لأوامر الله عز وجل : "لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"

القرآن دستورنا ..
---------------

فيه إشارة للمنبع الصافى والمنهج الوافى الذى يحمله القرآن الكريم بما يحويه من ضوابط وقواعد واوامر ونواهى واحكام ترسم حدود تعاملات المسلم وتسطر له دستورا ونبراسا لحياته.

الجهاد سبيلنا ..
-------------

يخطئ من يظن كلمة الجهاد إنما تعود فقط على ذلك المعنى الشائع بأنه جهاد القتال، رغم أن هذه اللفظة "الجهاد" تشير لغة إلى بذل ومضاعفة الجهد، واصطلاحا قد ذكرها القرآن الكريم فى أكثر من موضع بمعانى مختلفة غير القتال، وكان اذا تطرق للجهاد بالمفهوم الذى يظنه الناس المعنى الوحيد للجهاد كان يقدم جهاد المال وانفاقه على التضحية بالنفس والقتال، يقول المولى عز وجل
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ…." الأنفال /72
فللجهاد أشكال متعددة كما يفهمه الإخوان المسلمون وكما وضحه الإمام البنا فى رسائله، ومنها:
أن الجهاد عاطفة حيه قويه تفيض حناناً إلى عز الإسلام ومجده، ومن الجهاد في سبيل الله أن يكون المرؤ مهموما بحال المسلمين وأن يحمله هذا الهم على التفكير والعمل لاصلاح حال الأمة، ومن الجهاد النزول عن بعض الوقت وبعض المال وبعض مطالب النفس لخير الإسلام،
ومن الجهاد الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والنصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن الجهاد أن يكون الإنسان جندياً لله يقف له نفسه وماله لا يبقي علي ذلك من شئ، ومن الجهاد في سبيل الله العمل على إقامة ميزان العدل وإصلاح شئون الخلق وانصاف المظلوم والضرب علي يد الظالم مهما كان مركزه وسلطانه .
ومن الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى ان لم يوفق إلى شئ من ذلك كله أن يحب المجاهدين من كل قلبه وينصح لهم.

الموت فى سبيل الله أسمى أمانينا ..
-------------------------------

وهى اشارة لبذل الغالى والعزيز والثمين والنفيس فى سبيل الغاية والهدف الذى نسعى إليه، وليس أعز على مرء من التضحية بالنفس فإن هانت فى سبيل دعوته وفكرته، هان ما دونها. بل إن الأمر لدى الإخوان المسلمين قد فاق الهوان ليكون أمنية غالية، بل وأسمى الأمانى على الاطلاق، مادام الموت فى سبيل الله يمهد الطريق لعز هذا الدين ورفعة هذا الوطن واعلاء رايته. غاية وأمنية لا تعنى أبدا اهمال الحياة واعمار الأرض بل ان شئت فهى فى حقيقتها انماء وازكاء للحياة وتشييد واعمار للأرض حين تكون سببا فى أن ينتشر فى ربوعها سماحة الإسلام وقيم الحرية .

السمع والطاعة

هو أحد مفردات العمل الإسلامى والذى يمكن أن نعتبره بمصطلحات العمل السياسى "الالتزام الحزبى"، بحيث يطيع الفرد قرار الجماعة وينفذه مادام قد اتُخذ بشكل شورى مؤسسى ولا يخالف الشرع أو يتعارض مع منهج الجماعة وثوابتها، طاعة مبصرة بالمناقشة وطرح الآراء المخالفة بمنتهى القوة والوضوح، ثم يكون بعدها الالتزام بما يتفق عليه المجموع عبر آليات اتخاذ القرار.

طاعة والتزام حتى وإن خالف القرار المتخذ رؤية الشخص نفسه وقناعته فهذه إحدى ضرائب العمل الجماعى فى أى تجمع بشرى، ولا يعنى ذلك أن يغير الشخص أفكاره إلا بالقدر الذى يقتنع به من مسوغات الآراء الأخرى، بل يبقى رأيه لنفسه ولا مانع من أن يطرحه باسمه دون أن ينسبه للجماعة ودون أن يؤثر ذلك على همته فى تنفيذ وانجاح ما اتفق عليه المجموع.

عدد أفراد الإخوان

سؤال يشغل بال الكثيرين من أبناء الجماعة قبل من هم خارجها حول عدد أفراد هذه الجماعة، "وخاصة أنه قد بلغ عددهم نصف مليون عضو مسجل من أصل 17 مليون مصرى فى عام 1947 " ، وأن تقديرات الباحثين والمهتمين تفاوتت ما بين 100 ألف فرد مرورا بدراسة قدرتهم ب 2 إلى 2.5 مليون وانتهاء بأحد التقديرات التى اعتبرتهم بالمتعاطفين معهم قرابة ال 5 ملايين.

وبالتأكيد المناخ الأمنى الذى تعيشه مصر وفى القلب جماعة الإخوان المسلمين يجعل حصر أفراد الجماعة امر شبه مستحيل، فعلى سبيل المثال تعرض أكثر من 20 ألف فرد من الإخوان المسلمين للاعتقال فى الخمس عشرة سنة الاخيرة فقط على خلفيات مختلفة.

والحقيقة أنه ينبغى ابتداء أن يدرك الجميع أن جماعة الإخوان المسلمين هى فكرة وتنظيم، والمقصود بالفكرة مبادئ وأهداف الجماعة والتى قد يتفق معها الكثيرون من أبناء الوطن والذى بالتأكيد يتجاوز عددهم أضعاف المنتمين للتنظيم والعاملين تحت اسم وراية الجماعة.

ونجاح الجماعة الحقيقى ليس فى كثرة أعداد المنتسبين لها بل نجاحها فى قدرتها على نشر فكرتها وجذب مقتنعين ومؤيدين لها حتى وان كانوا من خارج تنظيمها، والنجاح الأكبر أن يعمل هؤلاء لنفس الفكرة تحت رايات أخرى ووسائل مختلفة. وتثبت استطلاعات الرأى المختلفة ومظاهر الحياة العامة فى المجتمع وكذلك بعض الانتخابات النزيهة قدرة الإخوان على تحقيق شيئ من النجاح على هذا الصعيد وهو المعيار والمقياس الأهم.

تمويل جماعة الإخوان

تقوم نشاطات جماعة الإخوان المسلمين على دعم مادى تحصل عليه من خلال اشتراكات أفرادها، تلك الاشتراكات التى يقدمها المنتمون للجماعة عن طيب خاطر دون إجبار. وليس مقبولا ذلك الاتهام لجماعة الإخوان بأنها تتلقى دعم مادى من هنا أو من هناك سوى من اشتراكات أبنائها، والأولى أن يطلب من أصحاب تلك الاتهامات الأدلة على مزاعمهم لا أن يطلب من جماعة الإخوان اثبات عكس ذلك فالبينة على من ادعى.

ولكن لا مانع أن نقدم دليلا حسابيا عقليا يؤكد نظافة يد الجماعة من أن تتلقى أموالا من هنا او من هناك، فالجماعة التى حصلت على 20% "88 مقعدا"من مقاعد مجلس الشعب فضلا عن 8% "40 مقعد" تم تزويرها بحسب اعترفات لرئيس الوزراء السابق "نظيف"، جماعة لها هذا التمثيل الشعبى الكبير لنفترض أن عدد أفراد الجماعة الذين يقومون بدفع اشتراك شهرى هم قرابة 200 ألف مصرى، وبافتراض أن متوسط هذا الاشتراك للفرد هو 50 جنيه، والاشتراك هو مبلغ أوتبرع يقدمه أفراد الجماعة مساهمة منهم فى نشاطاتها، وبحسبة بسيطة يكون دخل الجامعة الشهرى من الاشتراكات هو=
200000 * 50 = 10000000
"قرابة العشرة مليون جنيه شهريا" وما يعادل 120000000 مليون جنيه سنويا أى قرابة ثمن مليارجنيه سنويا
وهو رقم – إن صح – يغطى مصاريف الجماعة الدعوية والسياسية والاجتماعية، ويخدم أعمال البر وخدمة المجتمع.

إذا أضفنا لذلك أن هناك جزء كبير من مصاريف الجماعة يتم توفيره وهو ذلك الجزء المتعلق بالمجهود البشرى الذى يقدمه أبناء الجماعة من وقتهم وجهدهم ومواهبهم ومهاراتهم وقدراتهم دون أن يكافئوا عليه، فقد يعجب البعض حين يعرف أن من يقوم مثلا بلصق البوسترات الدعائية وكتابة اللوحات وتعليقها ليسوا أناسا مستأجرين بل هم أبناء جماعة الإخوان المسلمين بما فيهم الطبيب والمهندس والاستاذ الجامعى والمحاسب والمدير والاستاذ...،بما يوفر على الجماعة الكم الكبير من النفقات.

مكتب الارشاد وعلاقته بشباب الإخوان

ينظر البعض إلى العلاقة بين شباب وطلاب الإخوان من ناحية ومكتب الإرشاد وقيادات الجامعة من ناحية اخرى على أنها واحدة من اثنين إما علاقة استغلال لعاطفة الشباب أو ادارة وتحكم كامل فى نشاطهم وفكرهم، وفيما يلى نجيب على هاتين النقطتين :

1- الظن باستغلال مكتب الارشاد لعاطفة الشباب !
------------------------------------------

يتهم البعض جماعة الإخوان المسلمين بأن لها أجندة خفية نفعية شخصية موجودة فى مكتب ارشاد الجماعة وهو أعلى مكتب إدارى فى الجماعة، وتستغل الجماعة حماسة الشباب واخلاصهم وصدقهم لتحركهم نحو مطامع وأهداف نفعية شخصية.
ولما كنا نحن الشباب طرفا فى هذه المعادلة فينبغى أن نوضح التالى:

1- أننا حينما اتبعنا جماعة الإخوان المسلمين لم يكن محركنا فقط الحب والعاطفة وان كانا موجدين لا ننكرهما، ولكن مع العاطفة هناك قناعة عقلية بمنهج الجماعة وفكرها وأهدافها، وظن بأنها الأفضل على الساحة لندعمها ونشرف بالانتماء لها. وما أحببناها وما اتبعنها إلا ابتغاء رضوان الله وعندنا من الشجاعة بل وعند كل ابن من ابناء الجماعة –كما نظنهم ونحسبهم- القدرة على أن يقوموها اذا انحرفت أهدافها لمجد شخصى أو لعرض زائل مادى غير التمكين لدين الله وعز الأوطان ونشر العدالة والرحمة والقيم السامية والحرية.

2- اختيار الفرد ليكون من الاخوان المسلمين يكون قائما على توافر مجموعة من الصفات والقيم الأساسية لديه، ليكون فردا مسلما نموذجا وقدوة. ولم نسمع أن الاختيار يكون بناء على الكفاءات دون الاهتمام بالاخلاق، فضلا عن الاهتمام المستمر بأفراد الجماعة وتنمية الناحية الخلقية والإيمانية لديهم.
فلو كانت فعلا هذه الجماعة تبتغى الدنيا لكان أولى بها أن تبحث عن شباب لديهم كفاءات ومهارات تحقق تلك المآرب. لا تبحث عن شباب مسلم وتنمى فيه الخلق والتعامل الإسلامى، ليكون بعد وقت قريب حجرا أمام تحقيق القيادات لمصالحهم الدنيوية.

3- بل دعونا نعود لقادة الجماعة الذين يريدون الحياة الدنيا بسلطاتها وكراسيها ومناصبها وزخرفها، كيف ذلك وهم يحرقون سنين عمرهم فى تلك المعتقلات، سنوات الشباب والنضارة والحياة فى غرف ضيقة مظلمة لسنوات وسنوات، حتى يشب أبناؤهم وهم بعد فى سجونهم ومعتقلاتهم. اتدرون ماذا يعنى الحبس لمدة خمس سنوات وعشرة وعشرين سنة ، أخبرونا عن اسم من قيادات الجماعة لم يطاله السجن أو التضييق او المنع من السفر أو مصادرة الأموال، أى عقل ذلك الذى يقول أن هؤلاء يريدون الدنيا. بل ربما يقول قائل ان هؤلاء القادة يفكرون بمنطق "قليلا من أيام السجن ثم بعدها اكون زعيما او عظيما" ربما تكون حسبة مقبولة عند البعض، ولكن ما رأيكم فى أن تقدم الروح والحياة لتنال الدنيا !!! أى دنيا تلك التى سيريدها بدفع الثمن حياتهم؟؟
ألم يقضى الامام البنا شهيدا وهو بعد فى اوئل الاربعين من عمره!!!
ألم يعلق الشهيد سيد قطب على حبال المشانق وتطلب منه كلمة ليخفف الاعدام عنه فلا يقولها!!!
ألم يقضى العشرات من الاخوان شهداء وهم بين أيدى جلاديهم؟؟؟
ألم يصدر حكم باعدام المرشد السابق محمد مهدى عاكف؟؟
يقول البعض أن هذا هو الجيل السابق الذى كان يقدم باخلاص ولكن الموجودون حاليا يريدون الدنيا !!
فأين دماء أكرم الزهيرى أحدد قيادات الاخوان وقد قضى نحبه وهو فى المعتقل منذ سنتين ؟!
وأين دماء مسعد قطب الذى قضى نحبه فى معتقلات أمن الدولة ؟!
وأين دماء طارق الغنام الذى قضى شهيدا فى مظاهرات المطالبة بالاصلاح السياسى كخطوة لتحقيق عز الدين ورفعة الوطن؟!

2- الاتهام بأن طلاب الإخوان يدارون بالموبايل !
-----------------------------------------
يظن البعض أن طلاب الإخوان إنما هم قطع شطرنج تحركها جماعة الإخوان بالموبايل لتحقيق مصالح فئوية ومنافع خاصة بها، وحقيقة الأمر غير ذلك فلطلاب الإخوان رؤاهم وتحركهم الذاتي والمتوافق مع طبيعة مرحلتهم السنية وخصوصية مجتمعهم الجامعى واهتمامات واحتياجات زملائهم الطلاب، والتى ولا شك قد تتقاطع مع الجماعة الأم ومع كل القوى الوطنية فى العديد من القضايا والهموم، والنقاط التالية للتدليل العملى على هذا الأمر :

1- مع الاعلان عن الاضراب العام يوم 6 ابريل ارتأت جماعة الإخوان أن لا تشارك بشكل رسمى فى إضراب 6 أبريل، إلا أن طلاب الاخوان ارتأوا المشاركة في الاضراب داخل الجامعات، لذا كان قرار الجماعة الأخير هو المشاركة فى الإضراب عبر طلابها فى الجامعات.

2- أن طبيعة القضايا التى يتناولها طلاب الإخوان فى جامعاتهم وكذلك الوسائل المستخدمة إنما تتناسب مع طبيعة مرحلة الشباب واحتياجات هذه المرحلة الفكرية والعاطفية، ومثال على ذلك تبنى طلاب الإخوان للعديد من الحملات التي تتبني قضايا شبابية طلابية تمس احتياجات الطالب الجامعي.

3- حتى فكرة الاتحاد الحر ذاتها والتى أقامت الدنيا عام 2005، نشأت أول ما نشأت كفكرة فى كلية ثم عقبها بعد ذلك مخاض الفكرة فى بعض جامعات دون غيرها، وليكتمل الميلاد عام 2006-2007 فى أغلب الجامعات تتويجا بالاتحاد الحر العام لطلاب مصر، إذا فالفكرة بدأت متدرجة لدى بعض الطلاب ثم احتضنها طلاب الإخوان لتقدم نموذجا ابداعيا فى التعامل مع التضييقات والانتهاكات فى الانتخابات الطلابية .

4- وينبغى أن لا يغيب عن أذهاننا أن الحركة الطلابية المصرية منذ فجرها الأول وهى متحركة نابضة ناطقة بحال المجتمع وقضاياه. ناطقة متألمة بآلامه كما هى نابضة حالمة بأحلامه.
من1934 وتحركها لتغيير الدستور إلى عام 1946 والمطالبة برحيل الاحتلال عن مصر. ومرورا بعام 1968 واعتراضها على النكسة إلى 1973 وشحذها للهمم والشارع للاستعداد لحرب التحرير حرب النصر. انتهاء بأجيال السبعينات والثمانينات، حركة طلابية حرة وطنية مخلصة لا تتحرك لمطامع البعض أو أهوائهم.

5- جماعة الإخوان تدرك جيدا أن شباب اليوم هم قادة الغد، ولذا بالتأكيد لن تحرك الطلاب المنتسبين لها "بالموبايل" وهى تعلم أنه لصنع قادة حقيقيين فلا بد أن تصقلهم التجارب وميدان العمل. وأن يأخذوا قرارهم بأنفسهم وأن يخطئوا فيروا نتيجة خطئهم وأن يصيبوا فيروا ثمرة جهدهم.
وأن هذا الطريق هو الطريق الوحيد المضمون لاخراج جيل يعتمد عليه، و يبنى على أكتافه الوطن، وتجد مصر من بينه الرجال القادرين على حمل المسئولية وتولى التبعة الثقيلة لتصحيح واصلاح كل ما تم افساده فى مصر.

6- وأخيرا لا يعنى كل ما سبق انعدام التنسيق بين طلاب الإخوان المسلمين فى بعض الجامعات مع بعضهم البعض لشأن تبنى قضية واحدة فى بعض الأوقات لأهميتها ولاحداث زخم حقيقى حولها ولانضاج نتائجها وأثرها كما حدث فى عام 2005 وتبنى كل طلاب الإخوان لحملة "معا للاصلاح جامعة حرة وطن حر" لتواكب الانفتاح السياسى الحادث فى تلك الفترة. وإذا كان طلاب الإخوان لديهم من القدرة أن ينسقوا مع عموم التيارات الطلابية الناشطة المختلفة معهم فكريا فبديهى أن تكون قنوات اتصالهم ببعضهم البعض مفتوحة للتنسيق فيما يفيد الحياة الطلابية والتواصل لتبادل الخبرات والتجارب.

رؤيتنا للنقد الخارجى وكيفية التعامل معه

نتناول هذا الموضوع من خلال 3 نقاط كما يلى:

1- لماذا تثار انتقادات واشكاليات حول المشروع الإسلامى.
2- منطلقات الانتقادات ونماذج منها .
3- كيفية التعامل مع تلك الانتقادات .

لماذا تثار انتقادات واشكاليات حول المشروع الإسلامى؟؟
------------------------------------------------

ترجع هذه الانتقادات والشبهات والإشكاليات لتداخل مجموعة من العوامل بنسب مختلفة من شخص لآخر. وتتلخص أهم تلك العوامل فى التالى:
1- التعميم، وهو أحد مشاكل التقييم سواء للأفراد أو الجماعات. وهو تعميم رؤية معينة على الجميع حتى وإن كان هناك اختلافات كبيرة بين النظائر التى يطلق عليها هذا الحكم التعميمى، فيتم مثلا وضع الإسلاميين ككل فى سلة، ويتم تعميم أخطاء وتجارب بعض النماذج الإسلامية على كل الحركات الإسلامية دون تفريق بين متشدد ووسطى وبين هذه التجربة وتلك.

2- أزمة اصطلاحات، نتيجة لاختلاف المرجعيات، فقد يتم استخدام مترادفات لذات المعنى وذات المضمون ولكن لا يتم فهمها على حقيقتها لاختلاف المصطلح والعبارة الدالة المستخدمة.

3- الانطباع السلبى المسبق لدى البعض عن المشروع الإسلامى، وكما يقال الانطباعات الأولى تدوم، فحتى برغم أن الواقع يكون مغايرا للانطباع الأول إلا أنه لا يسهل تغييره.

4- أخطاء قد يقع فيها بعض أفراد المشروع الإسلامى، وهذا أمر طبيعى كونهم بشر لم يدعوا لأنفسهم يوما عصمة .

5- أخطاء تكتيكية قد تقع فيها جماعة الإخوان شأنهم فى ذلك شأن أصحاب أى مشروع يبنون قرارهم وفق معلومات متوفرة ورؤية مستقبلية، ولذا قد تكون هذه القرارات والخطوات غير موفقة إما نتيجة عدم توفر المعلومات الكافية لاتخاذ القرار أو عدم توقع السيناريوهات المتوقعة بشكل جيد أو لأى سبب كان.فأصحاب المشروع الإسلامى إنما هم أصحاب اجتهاد يوفقون ويخطئون.

6- تضييق المسارات الشرعية أمام جماعة الإخوان ، مما لا يتيح لها القدر المناسب لتطبيق أدبياتها واعطاء الصورة المناسبة عن نفسها واجابة تساؤلات الآخرين عنها بالممارسات العملية.

7- الحملة الضخمة على المشروع الإسلامى سواء محليا او عالميا. مما يؤدى لرسم صورة ذهنية سلبية عن المشروع الإسلامى حتى وإن كانت هذه الصورة فى العقل الباطن لدى المشاهد والمتلقى.

منطلقات الانتقادات ونماذج منها:
----------------------------

ويمكن تقسيم تلك الانتقادات والقضايا التى دوما ما تثار سواء كان ذلك نقد محلى أو نقد خارجى بحسب منطلقاتها إلى :

1- اشكاليات فكرية، حول موقف الجماعة من بعض القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. مثل موقف الجماعة من المرأة والفن ومفهوم الدولة والموقف من الأحزاب و.. و..

2- اشكاليات تنظيمية اجرائية، تتعلق بكيان الجماعة وادارتها ومواقفها وتكتيكاتها واستراتيجياتها. مثل مواقف الجماعة السياسية وتصريحاتها ومفهوم السمع والطاعة ومصادر التمويل والموقف من استخدام العنف كوسيلة و..و..

3- قضايا واشكاليات افتراضية، لم تحدث على أرض الواقع ولكن يثيرها ويتخيلها المتابعون والإعلام فى هيئة اجابات لسؤال "ماذا لو كان الإخوان فى دائرة الحكم؟" مثل الحديث عن مستقبل الأقباط والتعددية السياسية ومساحات الحريات العامة والخاصة و.. و...

وبرغم أن العديد من تلك الانتقادات و القضايا تتناولها الجماعة أكثر من مرة بالرد والتوضيح والتبيان عبر بيانات وتصريحات إعلامية واصدارات مكتوبة. بل وتجاوز الأمر فى بعضها مرحلة التصريحات إلى مراحل التنفيذ. إلا أنها تبقى موجودة وطافية على السطح تكرر هنا وتعلن هناك.

كيفية التعامل مع تلك الانتقادات
---------------------------
يمكن تقسيم النقد المقدم إلى قسم من أربعة:

1- نقد مصيب فيما ذهب إليه:
..................................
فى هذه الحالة علينا الاستماع له، إن كان قد صح منا التجرد لله عز وجل وخلصت النيات وقدمنا الصالح العام ومصلحة الوطن، فلا يضيرنا أن نعترف بخطأنا أو صواب ما أُقترح، ومن ثم لا نجد أى حرجا فى أن نتبعه.

2- نقد يمثل وجهة نظر خلافية فى أمور تقبل أكثر من وجه :
........................................................................
فى هذه الحالة ينبغى أن تطرح الامور المتناظرة وحيثيات كل رأى منها وحجته ووجاهته وأسبابه، وتقابل الحجج بالحجج والأدلة بالأدلة، ولا ضير بعدها أن نتخذ مع جماعتنا من هذه النظائر ما نراه أنسب لفهمنا وحالنا، ويكون ذلك انعكاسا للرأى العام السائد بين أبناء الحركة واقتناعهم، ويصاحب ذلك بالضرورة تربية لأبناء الجماعة على ثقافة الاختلاف وتقبل وجود آراء أخرى مختلفة.

3- نقد مغلوط أو مبنى على معلومات ناقصة :
.......................................................
ينبغى على الجماعة أن تتناوله بالتوضيح والتصحيح، وأن لا تتركه يتضخم ويكبر ويسبب بلبلة ولبسا.

4- نقد قائم على الاتهامات الكاذبة والسب والقذف :
...............................................................
فى هذه الحالة التى يلقى فيها السباب والقذف والاتهامات جزافا بلا دليل ولا بينة، تقيم كل حالة بقيمتها ووقتها وحالها، ففى أحيان كثير يكون السكوت عن الرد عليها هو أبلغ رد، ولكن فى أحايين أخرى يكون من الضرورى الوقوف عليها وردها، وليس المقصود الرد على صاحبها ولكن المطلوب ازالة ما قد تنسجه تلك الأكاذيب من لبس لدى عموم المتابعين لجماعة الإخوان ولا سيما فى عصرنا الحالى وسهولة وسرعة تناقل الأمور والأخبار.

الوطن والانتماء لمصر

غريب أن يتبادر لأذهان البعض سؤال عن حب الإخوان لوطنهم مصر وانتمائهم لها، وهل يسهر الإخوان الليالى ويصلون الليل بالنهار إلا حبا لهذا البلد مصر؟!، وهل تنتهك حرمات بيوتهم ويروع أبناؤهم وتصادر أموالهم إلا حبا لهذا البلد الحبيب مصر؟!، وهل يبيتون مشردين خوفا من اعتقال وينام أكثرهم ليله وهو لا يعلم هل سيستيقظ كما يستيقظ الأناس فى بيوتهم آمنين أو سيستيقظ على اقتحامات زوار الفجر إلا حبا لهذا البلد مصر؟!!

نحن ككل أبناء هذا البلد إن لم نكن فى مقدمة صفوفهم نحب هذا البلد ونعشق ترابه، نتمنى رفعته وننشد تقدمه وحضارته، نفرح لأفراحه ونغتم ونبكى وتحرق قلوبنا كمدا وألما لاحزانه وانكساراته، تصفق قلوبنا قبل أيدنا حينما نشهد إنجازات أبنائه ويسيل الدمع رقراقا حينما تفوته الفرص وتمر به الأيام ولا زال فى مكانه.

ولسنا ندعى بحبنا لوطننا أننا نفعل ما لايفعله الآخرون، فحب الأوطان أمر فطرى يجرى فى الدماء، ولنا ابتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة والمثل حين أُخرج من مكة فقال :" والله إنك لأحب بلاد الله إلىّ، ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت" ومرورا بالصحابة الكرام وموافقهم وانتهاء بكلمات الإمام البنا حين تكلم عن الوطنية فقال : " إن كان دعاة الوطنية يريدون بها حب هذه الأرض، وألفتها والحنين إليها والانعطاف حولها، فذلك أمر مركوز في فطر النفوس من جهة، مأمور به في الإسلام من جهة أخرى، وإن بلالا الذي ضحى بكل شيء في سبيل عقيدته، ودينه هو بلال الذي كان يهتف في دار الهجرة بالحنين إلى مكة في أبيات تسيل رقة وتقطر حلاوة:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذ خر وجليـل
وهل أردن يوما مياه مجـنة وهل يبدون لي شامة وطفيل
ولقد سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم وصف مكة من أصيل فجرى دمعه حنينا إليها وقال: (يا أصيل دع القلوب تقر).

وإن كانوا يريدون أن من الواجب العمل بكل جهد في تحرير الوطن من الغاصبين وتوفير استقلاله، وغرس مبادئ العزة والحرية في نفوس أبنائه، فنحن معهم في ذلك أيضا وقد شدد الإسلام في ذلك أبلغ التشديد، فقال تبارك وتعالى: (وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (المنافقون:8) ، ويقول: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (النساء:141) .

وإن كانوا يريدون بالوطنية تقوية الرابطة بين أفراد القطر الواحد، وإرشادهم إلى طريق استخدام هذه التقوية في مصالحهم، فذلك نوافقهم فيه أيضا ويراه الإسلام فريضة لازمة، فيقول نبيه صلى الله عليه وسلم : (وكونوا عباد الله إخوانا) , ويقول القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) (آل عمران:118) . .. "

وكان طلاب الإخوان دوما مثالا واضحا جليا لمكانة هذا الحس الوطنى فى أفكار جماعة الإخوان المسلمين، سواء تم من التاريخ استدعاء صور شهداء طلاب الإخوان مع أقرانهم حينما كانوا ينادون بالتحرر من كآبة الاحتلال الجاثم على صدر الوطن، أو تم من الحاضر متابعة الحملات والقيم التى يدعو لها الطلاب فى جامعاتهم وكان من بينها فقط فى الأعوام الخمسة الأخيرة حملة "معا للإصلاح جامعة حرة .. وطن حر" للمناداة بالاصلاح السياسى وحملة " قوم يا مصرى" للتذكرة بتاريخ الشعب المصرى والعمل على استنهاض هذه المشاعر من جديد وحملة "نرفض" لرفض التعديلات الدستورية عام 2007 التى شوهت الدستور.

المرأة فى تصورنا

عُنى الإسلام بالمرأة عناية خاصة، وقام بتحريرها سابقا فى عصوره الأولى من النظرة التى كانت تنظر إليها، على أنها شيئ ومتاع يتم توارثه كما تورث الدور والأشياء. ولا سيما نظرة الجاهلية للمرأة على أنها عار يجب وئده فور ولادته، ويكفى أن نذكر هنا هذه الآيات لترسم شكل وملامح نظرة المجتمع للمرأة فى ذلك الوقت، يقول الله عز وجل فى سورة النحل: " وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ{58} يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ {59}" .
ولكن الإسلام أعاد للمراة مكانتها كإنسان يتساوى مع الرجل فى التكليف والجزاء، يرفع من قدرها ويحفظها ويصونها، يجعل لها ذمتها المالية الخاصة بها، وإرادتها الحرة فى قبول ورفض الزوج المتقدم لها، وغيرها من الأمور التى فردت لها كتب وأبحاث طويلة.

ولازال حتى الآن يدافع الإسلام عن المرأة ويحررها، ولكن فى العصر الحديث يحررها من استعباد بشكل جديد، استعباد يريد أن يجعل من المرأة أسيرة فى جمالها وأسيرة مفاتنها، يريد ان يجعل منها لعبة فى يد تجار الشهوات، فيصبح جسدها تجارة فى الإعلانات وتجارة من أجل ترويج الأفلام والسلع، ويجعل منها سلعة رخيصة وينزلها من عرشها ومكانتها ليستمتع بها القاصى والدانى والعزيز والحقير. فى حين أن الإسلام أرادها درة مصونة ولؤلؤة مكنونة، وجعل لها مكانتها الكريمة العزيزة.

وليس المقام هنا مناسبا لتفصيل أسباب ظن البعض وجود اشكاليات للمرأة فى ظل المشروع الإسلامى والتى قد ترجع إلى خطأ البعض فى فهم موقف الإسلام من المرأة، او إلى مشاكل فى التطبيق، أو إلى دور العادات والتقاليد.

ولكنا سنتوقف عند بعض الأمثلة التى تؤكد اهتمام وايمان جماعة الإخوان المسلمين بالمرأة وبدورها:

1- اهتمام جماعة الإخوان المسلمين المبكر بالدور الدعوى والسياسى والمجتمعى للمرأة، لذا تم انشاء قسم خاص للاخوات المسلمات عام 1932 اى بعد تأسيس جماعة الإخوان المسلمين بأربعة أعوام.

2- الدور التاريخى والقيادى المهم الذى لعبته السيدة "زينب الغزالى" فى تاريخ جماعة الإخوان المسلمين وتاريخ مصر السياسى.

3- ترشيح جماعة الإخوان المسلمين لمرشحات فى مجالس الشعب فى دورة 2000 ودورة 2005 وتشير بعض المصادر القضائية لفوز مرشحات الإخوان المسلمين فى تلك الانتخابات لولا التدخلات الأمنية السافرة فى العمليات الانتخابية، واخيرا دورة 2010 والتي يشارك فيها الاخوان ايضا بترشيح العديد من المرشحات.

بناء على كل ما سبق يؤمن الإخوان المسلمين بالتالى:
----------------------------------------------

1- أن للمرأة دور كبير فى نهضة الأمم وتنشئة الأجيال، فهى نصف المجتمع بعددها وتمثل نصف المجتمع الآخر بتربيتها له.

2- أن لها أن تستفيد من كل حقوقها المدنية والسياسية، مثل الترشح للانتخابات والتصويت واختيار من يمثلها.

3- بحاجة المجتمع لدور المرأة المجتمعى والمهنى، مع مراعاة كل الضوابط التى تحفظ لها كرامتها وتصون عزتها فى أثناء خروجها للعمل وتأديتها له. ويتناسب مع فطرتها التى خلقها الله عليها.

4-أن للمرأة الحق فى أن تتقلد أى منصب وفق معيار القدرة والكفاءة.


وهنا يتبقى استفسار عن رؤية الاخوان للمرأة كرئيس
----------------------------------------------

وبعيدا عن ملابسات الاجابة على هذا السؤال الفقهية والسياسية، وهل هو سؤال افتراضى تخيلى جدلى فلسفى أم هو سؤال حقيقى عملى واقعى، فإننا نؤمن أن دور المرأة ومكانتها لا ينقصه أن تكون رئيسة، وحق لها فى إطار دولة المؤسسات أن ترشح نفسها ويبقى للشعب حرية اختيار من يراه مناسبا لهذه المهمة، ونحن نؤكد أن هناك كثيرا من النساء أفضل وأشرف من كثير من الرجال عامة ومن الرؤساء والمسئولين الذين يفرضون على الشعوب دون اختيار حقيقى لهم.


وفى مجال العمل الطلابى نسعى دوما لتكون للطالبات مكانة واسعة من المشاركة والعمل والتدريب ومن الأمثلة على ذلك:
---------------------

1- اختيار طالبة من الإخوان لمنصب نائب رئيس الاتحاد الحر فى بعض الجامعات وتقلّد طالبات أخريات مناصب تنفيذية فى الاتحاد الحر.

2- طالبة من طالبات الاخوان المسلمين هى من ألقت كلمة طلاب الإخوان المسلمين فى الندوة الطلابية لمؤتمر القاهرة الخامس بنقابة الصحفيين وكانت الممثل لطلاب الإخوان على المنصة الرئيسية .

3- مشاركة طالبات الإخوان الفاعلة فى النشاطات والمؤتمرات والحملات التى يتم تبنيها فى الجامعات، بالاضافة للفعاليات والحملات الخاصة بهنّ .

نحن وزملاؤنا الأقباط

ملف الأقباط هو دوما ملف ذو شجون، لتشعباته وتعقيداته، وليس من السهل أن تُدرك جوانبه وأبعاده فى سطور قليلة.
ولكن باختصار نجمل موقفنا ورؤيتنا حول هذا الملف فى نقاط سريعة:
-----------------------------------------------------------

1- شريعة الإسلام لا تفرض على أبناء الديانات الأخرى اعتناقها، وإنما تترك فى رحابها الفرصة للفرد فى حرية العقيدة والعبادة.

2- أن الأقباط إنما هم جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الوطن ماضيه وحاضره ومستقبله، ونرى أنه من التكرار الممل أن نذكر ونؤكد على أن لهم كامل حقوق المواطنة ولهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين من وتجاه وطنهم.

3- ومما سبق بديهى أن لهم الحق فى تقلد كل المناصب فى الدولة وفق معيار الكفاءة والقدرة والاحترام دون الاحتكام لمعايير أخرى سوى المعايير المهنية والأخلاقية.

4- أن الدستور يتيح لأى مواطن الترشح للرئاسة، وبالتالى يحق لإخواننا الأقباط فى ظل انتخابات نزيهة الترشح لهذا المنصب على أن يكون للشعب حق الاختيار فيما بين المترشحين من يرونه مناسبا وكفؤا لهذا الدور فى دولة تديرها المؤوسسات ويحوطها الدستور والقانون.

5- أن علاقة الأقباط بإخوانهم المسلمين هى ليست علاقة سوية بالتمام وتعتريها بعض الشكوك دوما التى تساعد على اشتعال أى فتيل صغير يتم الباسه الثوب الطائفى، ولا ينبغى أن تدفن أمام تلك الحقيقة الرؤوس فى الرمال، الأمرالذى يستدعى معالجة عميقة حكيمة متأنية، تعالج جذور المشاكل وتبحث مواطن القلاقل وتزرع فى النفوس ثقافة المواطنة والأخوة، تلك الثقافة المزروعة فى فطرة المصريين ويشهد عليها تاريخهم ومواقفهم، مما يعيد الثقة المتبادلة التى يُبنى عليها لمستقبل هذا البلد، وأن لا يكون المعيار الأول فى التعامل فى مثل تلك القضايا وهذا الملف الشائك هو الحل الأمنى.

6- أن ضمان علاقة طبيعية مستقبلية بين المسلمين والأقباط تستوجب الاهتمام بالشباب من الجهتين، فمن ناحية تقوم النخبة ورجال الدين المسيحى بتحفيز الشباب المسيحى على الاندماج مع المجتمع بصورة طبيعية والتفاعل مع النشاطات الشبابية المختلفية وأن يكسروا تلك الحواجز الوهمية التى تضفى هالة من الترقب من كلا الطرفين تجاه الآخر، وعلى الناحية الاخرى يوجه علماء الدين والمثقفون الشباب المسلم التوجيه السليم نحو فهم سماحة الإسلام وحقوق غير المسلمين عليهم وتوعيتهم ان عليهم دور لمسح الصور الذهنية الذهنية السلبية عن الإسلام بمد أيديهم وفتح أذرعهم للتعاون مع إخوانهم من الشباب المسيحى.

الانعزال والتعامل مع الآخر "الشراكة"

بديهى ان يميل الإنسان لمن يوافق فكره واهتماماته وأحلامه وآلامه وآماله، مما يجعل شباب الإخوان فى مقتبل عمرهم واولى خطواتهم يجتذبون للتواجد سويا مما قد يفهم او يؤدى لبعض الانعزالية عن الاندماج فى المجتمع، وحول هذه النقطة نوضح التالى:

1- ان هذا التقوقع قد يحدث بالاساس فى مقتبل وبدايات العمل تحت راية وفكر أى مشروع وليس لابناء المشروع الاسلامى فحسب، وسرعان ما تتغير الامور بعد فترة

2- ان حقيقة فكر ومنهج الإخوان قائم على الدعوة، ما يتطلب أن يندمج أبناء الجامعة اندماجا حقيقيا مع المجتمع لنشر فكرتهم وتوصيل صوتهم وكسب تأييد وقناعات لمشروعهم. بما يتعارض مع ما يظنه البعض من ان هناك توجيهات او تعمد للانعزال عن المجتمع

3- أن جزءا من هذه العزلة هى عزلة شعورية ناتجة عن شعور أبناء الجماعة بالتربص الأمنى بهم نتيجة ما يرونه من التعامل الأمنى السافر مع المنتمين الجماعة فى كل وقت وكل مكان دون مراعاة لحقوق أو حرمات. فضلا عن التربص الإعلامى من قبل بعض المؤسسات الاعلامية ولا سيما التابعة منها للدولة.

4- أنه على أبناء جماعة الإخوان نفض كل هذه المشاعر السلبية ومقاومة كل الحواجز المفروضة عليهم للدخول فى عزلة، وأن نجاحهم أول ما يكون هو بالاندماج الفاعل مع المجتمع ومخالطته مخالطة ايجابية تؤثر فيه وتتأثر منه بالمفيد والنافع، يما يؤدى لشيوع الفكرة وتترس المشروع بالرأى العام والحصانة المجتمعية.

ولشباب الإخوان الكثير من المبادرات التعاونية مع أقرانهم الطلاب سواء بالتعاون فى الأعمال الخيرية أو التكاتف مع زملائهم فى الروابط الدراسية والمشاركة فى نشاطات الأسر والجوالة، وحتى فى تعاونهم مع زملائهم من أصحاب التيارات الفكرية الأخرى وتواجد طلاب الإخوان الفاعل فى اللجنة التنسيقية لطلاب مصر وكون طلاب الإخوان أحد مؤسسيها وأصحاب فكرتها من الأساس.

السياحة

حبا الله مصر موقعا متوسطا من العالم ومناخا رائعا معتدلا صيفا وشتاء، فضلا عن أجعلها الله متحفا شاهدا على الحقب المختلفة والعصور المتوالية امتداد من الحضارة الفرعونية القديمة وانتهاء ببعض لمسات العصر الحديث وانجازاته. زد على ذلك طبيعة متنوعة من بحيرات وانهار وبحار وجبال وشجر وثمار. مما جعلها ولا بد قبلة للسائحين ومنتجعا للمنهكين وموردا للباحثين والمؤرخين.

وكان حرى فى ظل تلك المقومات أن تكون صناعة السياحة فى مصر صناعة رائدة، وان تكون تلك السياحة سياحة متنوعة للاستشفاء وللاستجمام وللاستمتاع وسياحة دينية وعلمية. إلا ان العجيب أن دولا كثيرة لا تملك معشار ما لدى مصر من مقومات سياحية قد سبقت مصر فى عدد زوارها ومكاسبها من السياحة ودخلها.

ونحن نرى أن السياحة شكل من أشكال الملتقيات المفتوحة وفرصة حقيقية للتلاقى والتعارف وتناقل الخبرات وتمازج الأفكار "وقد قال الله عز وجل " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا...". إلا انه على مصر أن لا تُغير من شخصيتها وعاداتها وتقاليدها لأجل استرضاء السائحين، بل السياحة مصدر من مصادر الدخل الكريم الذى تأخذه مصر نظير ما لديها من مقومات وأمان، دون أن تقدم تنازلات.

وإن كان من غير المقبول أن يذهب مصرى إلى أحد الدول الغربية فيمارس عاداته وعباداته فى شوارع تلك الدول كأن يقف مثلا فى أحد الميادين فيؤذن للصلاة ويصلى جماعة مع بعض المصريين، وكما أن هناك بعض الدول تعتبر النقاب بل والحجاب أمورا مخالفة لعادات تلك البلاد وهويتها وترفض تواجده، فإنه ومع الفارق بين الأمرين فإنه يجب أن يحترم السائح ثقافة مصر وعاداتها وعقيدتها الإسلامية والمسيحية، فلا يسمح بالعرى والابتذال وشرب المواد المسكرة فى الاماكن العامة والمساحات المفتوحة والمختلطة مع عموم الشعب بما يتصادم مع قناعاته وثقافاته.

الحريات الفردية

قد كفل الإسلام للأفراد حريتهم فى ظل المشروع الإسلامى. هذه الحرية التى تنطلق من كون الإنسان خليفة لله فى الأرض، وأنه لا يذل ولا يعبد إلا خالقه الله عز وحل، ولا يذل لأحد من البشر كائنا من كان.

وأبرز مقياس لقيمة الحرية فى أى مشروع هى تعامله مع الطوائف المختلفة عنه والتى تحيا بداخله. ولما كانت العقيدة هى حجر الزواية فى المشروع الإسلامى، فإن قياس مساحة الحرية المكفولة فيه إنما تتم بتقييم وضع العقائد المخالفة له فى ظل شرائعه وأحكامه، والمشروع الإسلامى قد ضرب أروع المثل فى كيفية تعايشه مع غير المسلمين. ويكفى دليلا على الحرية فى العقيدة قول الله عز وجل " لا إكراه فى الدين"، ومن ثم فإن الحريات مكفولة للأشخاص فيما هو دون ذلك من أمور وأفكار، على أن لا تتسبب حرية البعض فى ايذاء الآخرين فكما يقال " انت حر ما لم تضر"، وأيضا ما دامت تلك الحرية لا تثير الفتن وتقلب المجتمع وتهدد وحدته ونسيجه واستقراره.

الفنون

تهتز النفوس وتطرب للفنون بمختلف أشكالها، وكانت الفنون ولا زالت قادرة على ايصال الرسائل والقيم بسرعة وقوة تفوق سرعة وقوة الخطاب المباشر، لذا لا يتعارض المشروع الإسلامى مع الفنون بل ويسارع فى الاستفادة منها فى ايصال رسائله التى تعمل على نشر الفضيلة والخلق القويم واصلاح المجتمع واستنفار ايجابيته وجهده وحركته.

غير أن هناك من الفنون ما يُساء استخدامه فيسعى لنشر الرذيلة وتهييج الشهوات وكسر القيم والمبادئ وهو ما يجب على المجتمع ككل وأصحاب المشروع الإسلامى كجزء من المجتمع التصدى لمثل تلك الفنون الهدامة التى تتعارض مع الفطر السليمة والعادات والأخلاق القويمة.

وقد فطن الإمام البنا منذ نشأة الجماعة لأهمية الفنون فأنشأ فرقة الإخوان المسلمين المسرحية والتى قدمت فى حينها مسرحية جميل بثينة وغيرها، وقدمت للساحة الفنية بعضا من نجومها فيما بعد، ولا زالت إلى الآن تعنى جماعة الإخوان المسلمين بالفن فى بعض صوره وإن كانت تحتاج لمزيد جهد واجتهاد فى هذا المسار للوصول للمكانة المرجوة من استخدام وتفعيل الفن فى خدمة قضايا الوطن والأمة.

عناصر المشروع الإسلامى وغياب التفاصيل

لو أردنا أن نلخص أهم ملامح وعناصر المشروع الإسلامى فى خطوطها العريضة فيمكننا أن نوجزها فى نقاط ثلاثة:

1- الاهتمام بالفرد الإنسان
----------------------
كيف يكون الفرد عنصرا فاعلا فى المشروع الإسلامى؟، وجدير قبل أن نجيب على هذا السؤال أن نربط به سؤالا آخر وهو لماذا يعادى الغرب الإسلام؟
فالمسلمون ولاشك أضعف فى الفترة الحالية من الغرب فى شتى المجالات سياسية كانت أو اقتصادية أو عسكرية أو علمية أوحتى حضاريا.

والإجابة على هذين السؤالين، تكمن أن الإسلام لديه القوة السحرية القادرة على قلب الموازين وصنع المستحيلات، وهى الفرد المسلم.
فالإسلام أول ما يعنى به هو زرع عقيدة والإيمان فى قلب الفرد المسلم، عقيدة راسخة لا تهتز أمام المصائب والنوائب والنكبات، وإنما تدفعه دوما للعطاء والعمل والاستمرار فى بذل الجهد والتضحية، دون أن يرى ثمارا لعمله وجهده بالضرورة، ولكن ربما تتأخر الثمرة لاحقا وقد لا يراها هو وانما تتنعم بها الأجيال من خلفه.

عقيدة وإيمان بالرغم من بساطتها ووجودها فى كل إنسان بالفطرة، ولا سيما المسلم الذى يحيا بها ويعمل لها، إلا أنها تحتاج إلى كتب وأبحاث لشرحها لهؤلاء الذين يتعجبون من أفاعيلها فى شخصية الفرد المسلم، وتأثيرها فى المجتمعات المسلمة.
إذا ففرد بمثل هذه العقيدة، ونهل من نبع الإسلام الصافى، فتعلم منه دور المسلم وواجبه فى هذه الحياة من إعمار لها، واستخلاف فى الأرض، يدافع فيها عن المظلومين وينشر فيها تعاليم دينه فى ربوع العالمين.
وتعلم من نبع دينه الأخلاق والصفات التى يجب أن يتحلى بها فى معاملاته وتحركاته.

وتعلم كيف ان عليه دور فى عزة امته ورفع رايتها، بإتقانه لعمله، والسعى الدؤوب لتحصيل كل علم يرفع مقامها بين الأمم. بل ويبادر ويكتشف ويبتكر، وهو انما من كل ذلك ينطلق من عقيدته تحثه على التفكير واستخدام العقل والابتكار.

وتعلم كيف يمزج القوة بالعدل، والغضب بالحلم، وكيف يضبط مشاعره وانفعالاته.

بالتأكيد هذا الفرد قادر على أن يصنع المستحيلات، وقادر إن استيقظ هذا الإيمان المخدر فى قلبه على أن يعيد الأمة الإسلامية فوق كل الأمم سياسيا واقتصاديا وعسكريا وعلميا، ولكنها فى ذلك الحين ستكون أمة عظيمة، لا تقتات على ضعف الأمم كما تفعل الأمم التى تعد الآن فى ميزان السياة دولا عظمى.

2- فلسفة الحل الإسلامى وضع الأطر والقواعد العامة وترك التفاصيل.
------------------------------------------------------------

الإسلام ظهر أول ما ظهر من 14 قرنا من الزمان، فى بادية صحراوية هى شبه الجزيرة العربية، فكيف يمكن للمشروع الإسلامى أن يتفق مع معطيات القرن الحادى والعشرين، ويتفق مع البلدان والشعوب المختلفة فى العادات والتقاليد وطبيعة حياة؟!!

إجابة هذا التساؤل هى نقطة تميز للحل الإسلامى، فالمشروع الإسلامى يتميز بمرونة شديدة لا توافق فحسب اختلاف الزمان والمكان، بل وأيضا توافق اختلاف الشخصيات بين أفراد المجتمع الواحد.

ففلسفة الحل الإسلامى تعتمد على وضع الأطر العامة والقواعد والخطوط العريضة التى تحكم الموضوع، ثم تترك التفاصيل والبرامج التفصيلية للأفراد كل على اختلاف بيئته وزمانه ومكانه، ومعطيات ووسائل عصره.

وتتدرج هذه الخطوط العريضة من جانب لآخر فى جوانب المجتمع والفرد.

فى العبادات تفاصيل أكثر
............................
فعلى صعيد العبادات وعلاقة العبد بربه، تكون الأمور واضحة إلى أبعد الحدود متضمنة التفاصيل بالإضافة للضوابط والخطوط العريضة.
فالإسلام وضح ضوابط الصلاة ثم تفاصيلها من عدد ركعات وكيفية سجود وركوع وقيام، وماذا يقال فى أذكار الأحوال، ومدة الصيام ومبطلاته، ونصاب الزكاة ومواعيدها وهكذا.
وبالرغم من أن الإسلام منذ 14 عشر قرنا قد استغرق فى تفاصيل العبادات، إلا أنه مع مرور السنين بل والقرون وتغير وسائل والعصر، فإنه مازال وسيظل الإسلام قادرا على استيعاب التغير الزمنى والمكانى، مع الحفاظ على هذه التفاصيل الدقيقة.

فى مجال المعاملات
......................
وفى مجال المعاملات، تقل التفاصيل التى تحكم علاقة الفرد بالآخرين، ولكن تبقى الضوابط العامة، من وجوب بر الوالدين والإحسان لهما، والمودة والرحمة بين الزوجين، وصلة الرحم، والإحسان للجيران، والدعوة للتسامح فى التعاملات التجارية والقضائية، وأن يكون المسلم لين الجانب للمسلمين " ... رحماء بينهم..."، وبر والعدل تجاه من يعايشون المسلمين وهم على غير دينهم " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين".
فالإسلام لم يحدد أشكال بر الوالدين، الذى ربما يتمثل فى هدية أو مكالمة هاتفية أو سفر لزيارتهم، او رسالة بريدية أو بالبريد الإليكترونى أو حتى رسائل قصيرة عبر الهواتف المحمولة. تاركا التفاصيل بحسب اختلاف المكان والزمان ووسائل العصر. وهكذا القياس على باقى أمور المعاملات.

السياسة وأمور الحكم
..........................
وتجد هامش التفاصيل يقل أكثر فأكثر مع أمور الدولة والحكم والجوانب السياسية والاقتصادية، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنتم أعلم بأمور دنياكم"، ولكن تبقى الضوابط والحدود العامة مرسومة واضحة، فهذه الأمور لا تخرج عن بأى حال عن أخلاقيات المجتمع المسلم وقيمه وحدوده واطره العامة، بالاضافة لضوابطها الخاصة.

وفى مجال الاقتصاد
........................
حدد الإسلام محاذير عامة مثل منع الربا والاحتكار، والغش والاتجار بالمحرمات و..
وأمر باخراج الزكاة، وحث المجتمع على رعاية الأيتام والمساكين، وتحرى الكسب الحلال
ولكنه فى ذات الوقت ترك التفاصيل لاقتصاديات السوق وللبيئة التى يطبق فيها المشروع الإسلامى، لم يحدد هل تبنى المؤسسات المالية على البنوك أو المصارف أو تشغيل الأموال، لم يحدد الخصخة أو بقاء الشركات تابعة للدولة وللقطاع العام، لم يحدد تعويم العملة المحلية أم دعمها ..
فعلى كل مجتمع مسلم وقائمون على الحل الإسلامى دراسةكل أمر من الأمور المستجدة فى عصرهم ودولهم، وقياسها وفق الضوابط العامة ووفق قواعد فقهية مختلفة تحكمها جلب المصالح ودرء المفاسد.

وفى مجال الحكم والدولة.
..............................
وضع ضوابط الشورى والعدل والمساواة، ومسؤلية الحاكم، ووجوب نصحه والأخذ على يديه إن كان ظالما.
وحث الحاكم على القيام بدوره ومسؤلياته، وجعل من السبعة الذى يظلهم الله بظله كما اخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم" .. وإمام عادل".
ولكن الإسلام لم يحدد شكل نظام الحكم على هو ملكى دستورى أم جمهورى برلمانى أو .. أو ..
ولم يحدد آليات اتخاذ الشورى هل عبر استفتاءات عامة أو مجالس منتخبة تنوب عن الشعب والأفراد.
وشكل المعارضة سواء كانت بالأحزاب أو المقالات الصحافية أو المظاهرات السلمية أو ...

وفى مجال الحروب
......................
وضع القيم والأسس العامة، وموجبات القتال وضوابطه. ولكنه ترك حرية التخطيط العسكرى، واستخدام وسائل وأسحلة العصر"وأعدوا لهم من قوة ومن رباط الخيل ..."
وقس على ذلك فى شتى المجالات فى التعليم، فى المجال العلمى، فى الثقافة العامة، فى مجال الصحة، فى المجال الجتماعى، فى العلاقات الدولية....
وبهذا يشعر الفرد أنه يعيش فى منظومة متكاملة، دولة تعينه على توطيد علاقته بربه وتعينه على عباداته.
وعلاقة بربه تدفعه للنهوض بمجتمعه وتطويره والرقى به، والبذل والتفانى والاتقان فى عمله.
منظوومة تشعر فى كل ركن من أركانها بوجود سمة عامة تربط كل أجزائها بعضها البعض.

3- استخدام الوسائل الحديثة ومعطيات العصر.
-----------------------------------------

بعد أن يعد الإسلام الفرد اعدادا جيدا ويربيه على معانى الاتقان والاخلاص فى العمل، ويزكى فيه روح التميز والابداع، ثم يضع له الضوابط والحدود والأطر العامة، يقوم الفرد باستخدام وتطويع الوسائل الحديثة ومعطيات العصر فى حدود الضوابط.
ويسعى خلف الحكمة أينما كانت، فهى ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أولى الناس بها.
ولا يقتصر دور الفرد فى المشروع الإسلامى فقط على اعادة صياغة وسائل العصر بما يناسب الضوابط التى رسمها له الإسلام، بل يسعى هو ابتداء لابتكار تلك الوسائل الحديثة واستخدامها.

ومن التاريخ نذكر بعضا من المواقف التى تشير إلى استيعاب المسلمين للوسائل المفيدة مهما اختلفت مصادرها.

1- فى عهد رسول الله واقتراح سيدنا سلمان بحفر الخندق، وبالفعل قام المسلمون بحفر الخندق حول المدينة، هذه الفكرة التى لم يكن يعلمها العرب وإنما اقترحها سيندا سلمان الفارسى نقلا عن دولته فارس والتى كانت تشق الخنادق فى الحروب. لم يقل المسلمون حينها أن فارس تعبد النار ولا ينبغى أن نستخدم أفكارها.

2- فى عهد الخليفة الراشد الثانى عمر بن الخطاب، وقد نظر فى كيفية تنظيم الدولة الرومانية لأمور ادارتها الداخلية، وأسلوب الدوواين، التى لم تكن بعد الدولة الإسلامية الوليدة تعرفه. فاستحدث سيدنا عمر نظام الدووايين والسجلات، لتسجيل الدخل والخرج ورواتب الجند و..

3-وفى عصر هارون الرشيد وكما قلنا أن المسلمين ليسوا فقط يستخدمون الوسائل الحديثة، بل يكونوا سباقين إليها. كما حدث فى عصر هارون الرشيد حينما أهدى ساعة لملك فرنسا ففزع منها وظن أن فيها جآن يحركها

4- الفنون من مسرحية وتمثيلة وفيلم، من تلك الادوات التى أصبحت من لغة العصر، أيضا استوعبها المشروع الإسلامى واستفاد منها وفق ضوابطه وحدوده، فكان مسرح الإخوان المسلمين وتقديمه لمسرحية "جميل بثينة" قديما، وحديثا الفن الراقى الهادف بشتى صوره الدرامية والقصصية والمسموعة والمرئية.

5- الكمبيوتر والإنترنت والفضائيات وكيف استفاد منها المشروع الإسلامى فى توصيل رسالته وصوته للعالم ككل، بعد ان قام المشروع الإسلامى بهضمها وتوظيفها وفق ضوابطه واحتياجاته.
إذا فأن المشروع الإسلامى يستخدم كل معطيات العصر ويطوعها وفق تلك الضوابط العامة التى تكلمنا عنها فى العنصر الثانى ثم يضعها فى يد العنصر الفعال وهو الموارد البشرية الذى تم اعدادها وفق العنصر الأول . ليحقق نهضة ونمو وحضارة حقيقية نحن فى أمس الاحجة لها وفى أشد الاشتياق لشم نسيمها من جديد فى بلادنا الحبيبة مصر وأمتنا العربية والإسلامية.
ليس فقط مشروع يستخدم أساليب النهضة والتكنولوجيا وعناصرها بل هو من يبادر لاكتشافها وتصنيعها وتطويرها. ليخرج من دائرة المستخدم والمتلقى لدائرة الصاناع والمنتج والمبتكر والموزع لضوء حضارته على ربوع العالمين كما فعلت الحضارة الإسلامية سابقا وانتشر ضياؤها على دول أوروبا.

وقد يرى البعض ان ما سبق من خطوط عريضة هو تأكيد لغياب التفاصيل فى المشروع الإسلامى يعيبون على الإخوان عدم وضع تفاصيل للحلول والمقترحات لمختلف قطاعات الدولة ومستوياتها.
ونرد على هذا التساؤل بالتالى:
---------------------------

1- أن سرد التفاصيل يحتاج ولا شك للمعلومات، وفى ظل أوضاع بلادنا الراهنية تعامل المعلومات حتى وان كانت معلومات حق للجميع على أنها أسرار عسكرية لا ينبغى البوح بها او تداولها، مما يعيق على اى مهتم أن يقدم أطروحة متكاملة واقعية فى ظل الضبابية الموجودة وغياب الشفافية فى تداول المعلومات.

2- أن غياب التفاصيل فى بعض الأمور هو أمر إيجابى يعكس أنه ليس للإخوان فكر متحجر جامد تجاه القضايا يحملون المجتمع حملا على اعتناق وتنفيذ أرائهم، بل لدى الإخوان قواعد وضوابط عامة ومتروك للأمة أن تختار ما يناسبها من خيارات واحتمالات فى ظل تلك القيم والمبادئ والضوابط.

3- أن الإخوان قوم عمليون فليسوا معنيين بوضع تفاصيل تنظيرية لكل القضايا، بل يقدمون التفصيلات والبرامج فى أماكن بعينها والتى يحتكون بها ويتقدمون لشغلها كما هو الحال فى انتخابات المجالس النيابية والمحليات، وانتخابات اتحادات الطلاب ونوادى هيئة التدريس، فضلا عن القطاعات المهنية المختلفة كل بحسب وظيفته ودوره، ولذا كان لهم مثلا أدوار ومشاركات متعددة فى تقديم مشاريع قوانين تحت قبة البرلمان فى حين أنهم لم يقدموا تفاصيل تنفيذية كونهم لم يعرضوا نفسهم بعد كبديل للجهات التنفيذية متمثلة فى الحكومة والوزارات.
وقدم الطلاب نموذجا عمليا فى ذلك بتقديهم تصورات وتفاصيل للاتحادات الطلابية وكذلك تقديمهم لمبادرات وتوصيات تضيف وتثرى الحياة الطلابية على مستوى الدراسة والنشاط، فضلا عن مشاركة طلاب الإخوان لغيرهم من الطلاب الناشطين فى صياغة لائحة طلابية تكون بديلا للائحة 79 والتى تم فعليا اقرار بعض بنودها المقترحة فى اللائحة الطلابية الجديدة التى صدرت عام 2007

العنف كوسيلة للتغيير

ترفض جماعة الإخوان المسلمين منذ نشاتها وحتى حاضرها ومستقبلها استخدام العنف كوسيلة للتغير، ويتم التأكيد على ذلك دوما فى أدبياتها كما يتسم ذلك مع ممارساتها وأعمالها.

ونتناول هذا العنصر سريعا فى عدة نقاط:
-----------------------------------

1- أن الاتهام بان كل جماعات العنف قد خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، هو فى الحقيقة شهادة لها بأن العنف لم يجد له طريقا او سبيلا فى جماعة الإخوان فاضطر مؤيدوه ومريدوه للخروج منها بحثا عن سبيل آخر لممارسة عنفهم

2- وأن هذه الشهادة تستوجب أن يدعم نشاط جماعة الإخوان لا أن يحارب، حتى تستوعب مثل هذا الشباب المتحمس وتوجهه للتربية السليمة ومفهوم الدين الصحيح، فتوظف طاقاته فى بناء المجتمع ونهضته وتطويره بعيدا عن مستنقعات العنف وظلام الجهل.

3- حين يفتح هذا الملف تسرد من فورها عدة مواقف و أحداث تاريخية بعينها على أنها دليل استخدام العنف من قبل جماعة الإخوان المسلمين، وإن افترضنا جدلا –برغم أن مواقف الجماعة القديمة والحديثة وبرغم أن تفاصيل الاحداث تنافى ذلك- اذا افترضنا أن الجماعة كانت على علم بتلك الاحداث، فإنه كما يقال يكفى للمرء فخرا أن تعد معايبه، فسردها فى عدة احداث لا تجاوز فى عددها أصابع اليدين بل وأصابع اليد الواحدة إنما هو شهادة للثوب ببياضه حتى تتمكن من عد وحصر نقاط سوداء عليه، وأن انكار الجماعة لعلاقتها بهذه الأحداث –حتى وان افترضنا جدلا أنه كانت هناك روابط لها بهذه الأعمال- إنما هو أكبر دليل وشاهد على رفض مبدأ العنف واستنكاره وأن أدبيات الجماعة لا تقبله وخاصة إذا أكد تاريخ الجماعة على عدم تكرار مثل هذه الأحداث.

4- أن أحكام القضاء كانت دوما تسطر دليل براءة الإخوان من العنف واستخدامه ، فلم يتم ادانة أحد من أفراد جماعة الإخوان المسلمين فى قضايا عنف أو خروج على القانون منذ السبعينات، وكانت دوما البراءة هى العامل المشترك الوحيد فى كل القضايا التى يحال فيها الإخوان المسلمون للقضاء الطبيعى المدنى.

5- وإن كان البعض يدعى أن ابتعاد الإخوان عن العنف إنما هو خطوة تكتيكية مؤقتة وأنهم يضمرون فى نفوسهم غير ذلك من استعداد ورغبة لاستخدام العنف، فالسؤال الذى يطرح نفسه بقوة ومتى سيحين هذا الوقت؟ وما هى الدواعى التى ستدفع الإخوان لاستخدام العنف؟ وهل هناك أوقات وضغوط ستقع على الإخوان تدعوهم لاستخدام العنف أكثر مما يلاقوه هذه الأيام من ظلم وانتهاكات لحرمات البيوت واعتقالات ومصادرة اموال ومحاكمات عسكرية ومنع من التعيينات والتعسف الإدارى وتزوير انتخابات انتهاء بالقتل البطئ بحبس أصحاب الأمراض المزمنة والأمراض المستعصية لأعوام بل والقتل المباشر كما حصل للشهيد مسعد قطب والشهيد أكرم الزهيرى وغيرهم؟، فإن لم يلجأ الإخوان للعنف أمام كل هذا الظلم والقهر فمتى سيستخدموه إن صح هذا الاتهام ؟!!

وإذا أردنا اسقاط هذا العنصر على الحياة الطلابية وما يتم ترويجه من بعض المشاهد على انها دليل لانتهاج طلاب الإخوان العنف فى الجامعات كعرض طلاب الأزهر وأحداث عين شمس وغيرها..

لسنا هنا ندعو الناظر إلى أن يقتنع برأينا فى تلك الأحداث ولكن ندعو المنصف أن يقف على كل تفاصيل الحدث قبل أن يلقى الحكم.
ولعل حادثة الأزهر قد كتب فيها وعنها الكثير ما يوضح حجمها وحقيقتها و يكفينا فيها الآن شهادة مفجرها وهو مصور جريدة المصرى اليوم فى رسالته الطويلة حينها والتى قال فى مقدمتها " أرجو من قراء هذه الرسالة أن يعرفوا إلي أي مدي السوء الذى أعانيه نفسيا من جراء نشر تلك الصور فمنذ يوم الاثنين عندما نشرت جريدة المصري اليوم خبر( ميلشيات الأزهر ) أحسست بضيق في صدري لما سوف يأتي بعد ذلك.

الله واحده يعلم أنني كنت أؤدي عملي فقط وان الأمر لا يستعدي كل هذه الضجة ولا ما ترتب عليها من أحداث واعتقالات فما حدث يوم الأحد كان مجرد فقرة رغم غرابته إلا أن حواري مع الشباب تأكدت انه لايحمل اى مضمون أو هدف بالإضافة أن عدد الطلبة لم يكن يتجاوز 2% من قوات الأمن الموجودة على أبواب الجامعة فمن الذي يقوم بالاستعراض ؟ ."

أما بلطجة عين شمس فعين الكاميرات وملفات الفيديو المسجلة والموجودة على مواقع اليوتيوب لهى خير شاهد على من كان يستخدم الاسلحة البيضاء والزجاجات الحارقة من شباب بلطجية استأجرتهم قوات الأمن وسمحت لهم الجامعة بتنديس حرمها ضد طلاب الإخوان الذين كانوا إنما يطالبون بحق شرعى لهم ولزملائهم الطلاب فى انتخابات نزيهة تسمح للجميع بالترشح وتترك للطالب حرية اختيار من يمثله.

ولا يعنى ما سبق أن طلاب الإخوان المسلمين ملائكة مبرئون فبالتأكيد قد يصاحب نشاطاتهم وكثرة حركتهم وتنوعها بعضا من الخروج عن الأمثل، فى بعض المواقف العصبية التى قد يعلو فيها صوت حماس أو أحيانا تهور الشباب على صوت العقل والحكمة، إلا أننا نؤكد انها تكون مواقف فردية انفعالية سرعان ما يتم تداركها والاعتذار عنها فضلا عن معاتبة ومحاسبة صاحبها، وإن كان البعض يتحامل بشدة على طلاب الإخوان فى مثل هذه المواقف فالأولى أن يتم محاسبة ومعاقبة المسئول عن هذا التأزم والانغلاق فى الحياة الطلابية من ادارات جامعية سلمت قرارها ورقابها للاوامر الأمنية فحجمت إن لم تكن وأدت وقتلت النشاط والابداع الطلابى.، وحرمت الطلاب عموما والناشطين منهم خصوصا من حقوقهم الطبيعية فى ممارسة نشاط طلابى فى جو صحى ومناخ مفتوح يرعى مواهب الشباب ويربى عظماء جدد ويصنع قادة المستقبل.

صفقات الإخوان مع النظام

يتم الحديث كثيرا عن وجود صفقات بين النظام والإخوان، وتحمل كلمة "صفقة" عدة دلالات ومعانى مختلفة، فإذا كان المقصود بالصفقة هو التواصل بين الإخوان والنظام للاتفاق على مصلحة عامة تفيد المواطن وتخدم القضايا الوطنية فهو أمر محمود لا تنكره الجماعة بل وتعلن دوما أن بابها مفتوح للجميع وأنها تمد يد التعاون وتساند وتكاتف كل ما من شانه الرقى بهذا الوطن وتحقيق آمال وطموحات الشعب.

وأما إن كان المقصود ب "الصفقة" المعنى المشبوه الذى يشير لتحقيق مصالح شخصية غير مستحقة للجماعة أو بعض أفرادها، ، أو أن يتم التوافق على غير مصلحة الوطن والشعب فهو بالتأكيد اتهام مستنكر ومرفوض.

فعناصر أى صفقة أربعة عناصر، الطرف الأول والطرف الثانى والشيئ المقدم والمقابل

الطرف الأول : قيادات جماعة الإخوان المسلمين :
------------------------------------------
والسؤال الذى يطرح نفسه من فى قيادات جماعة الإخوان المسلمين لم يناله الطرف الثانى بالايذاء المادى والمعنوى، سواء بالاعتقال لسنوات أو المنع من السفر أو مصادرة الأموال وانتهاك حرمات البيوت وترويع الأطفال والنساء، فكيف يتناسى قادة جماعة الإخوان أوجاعهم وأحزانهم ومثل هذه الانتهاكات ويعقدوا صفقة.

الطرف الثانى وهو النظام الحاكم
----------------------------
بما هو منتشر فيه من فساد ونفعية، واشتهاره بالنكوث عن العهود، والوعود الكاذبة والأفعال المتعدية على حقوق الإنسان والحريات، وعدم الالتزام بالقوانين والدستور. فهل يعقل أن تعقد صفقة مع طرف لا يؤمن جوانبه، وقادر دون أن يرمش له جفن أن يخل بأى اتفاق ويخرق أى عهد ووعد.

الشيئ المقدم :
-----------
ويتبادر للذهن السؤال عن المقدم الذى ستدفعه الحكومة هل هو حرية لأفراد الجماعة؟ بدلالة اعتقال نائب المرشد م.خيرت الشاطر و40 من رموز الاصلاح والحكم عليهم بالسجن لمدد تصل ل 7سنوات بعد محاكمة عسكرية؟!!.أم أن المقابل مادى بدلالة مصادرة مئات الملايين من الأموال الشخصية لأفراد الإخوان واغلاق شركاتهم ومؤسساتهم ؟! أم ان المقابل مساحة حركة تضيقها وتوسعا السلطة كيفما تشاء ووقتما تحب؟، أم أن تغض السلطة الطرف عن بعض تحركات الإخوان المسلمين فى المجتمع والتى هى حق لهم مشروع فى نشر وسطية الإسلام وفكر المشروع الحضارى الإسلامى؟!.

وما هو المقابل المطلوب من جماعة الإخوان :
--------------------------------------
هل هو أن يغير الإخوان فكرهم الذى تربت عليه أجيال وظل صامدا متواجدا على مدار 80 عاما هى عمر الجماعة، أم مطلوب منهم أن يهادنوا الحكومة ويداهنوها ويقبلوا بما تفعله ويؤيدوه بحلوه ومره وخيره وشره واصلاحه وافساده بما يعد خيانة لعقيدة الإسلام قبل أن يكون خيانة للمشروع والفكرة والشعب والأمة.

وبعيدا عن السطور الماضية التى يعتبرها البعض كلمات عاطفية، فلنذهب للواقع هل قدم الإخوان ذلك المطلوب منهم وتوقفوا عن معارضة الحكومة فيما يرونه مضادا لمصلحة الشعب والوطن؟ وهل هادنوها؟ هل غير الإخوان خطابهم ومشروعهم؟ وهل قامت الحكومة بتقديم المقابل وفتحت المجالات والأبواب للإخوان ليتحركوا بحرية وينالوا حقوقهم التى كفلها لهم القانون والدستور، نعتقد أن الباب الوحيد الذى فتحته الحكومة للإخوان هو كان ومازال أبواب السجون والمعتقلات مكافاة لهم على نضالهم الدستورى السلمى للدفاع عن حريات الشعب وحقوقه ومصلحة الوطن. وإذا كان الإخوان يبحثون عن المصالح الخاصة والسلطة كما يظن البعض فهل سيحقق الإخوان بالصفقات ذلك، أم أن سعيهم لوجود حرية حقيقية فى ا لمجتمع هو ما سيضمن لهم الوصول للسلطة –إن أرادوها- ولا سيما بأنهم قد حصلوا فعليا على 20 % من ثقة الشعب فى انتخابات مجلس الشعب 2005 والتى كان بها قدر من النزاهة.

ربما يتفق البعض أو يختلف مع قرارات الإخوان وتحركاتهم، ولكن لعل قراءة منصفة للأحداث ستخرج تصرفات الإخوان وأفعالهم من تحت تصنيفها تحت بند الصفقات المشبوهة وستخرجها من تصنيف المداهنة والبحث عن السلامة والراحة.